أسطورة الثعبان
في دراسات ميثيلوجيا ، الحكايات الشعبية لها مكانة مرموقة في نسيج
المجتمعات
تعتبر جزءاً من ثقافة الأمم وتوظف
في تفسير الظواهر الطبيعية ولها جذور
متعمقة في نفوس أبناء المجتمع يتناقلها جيل عن جيل
تعكس رأيتهم للعالم وفلسفتهم للحياة وفي الحضارات القديمة وجدت الأساطير التي تحكي
عن بطولاتهم في ساحات الوغى لقصد التسلية والتعليم الجيل الصاعد بالفروسية.
و كذلك تتحدث عن آلهتم وحياتهم
الاجتماعية والثقافية ، مثل أسطورة آمون في حضارة مصرية وأسطورة زيوس في حضارة إغريقية كما أن لهذه الشعوب حضارة وثقافة وفن وأسطورة هكذا وجدت الحضارة ورويت الأساطير في تاريخنا
التليد تاريخ غرب أفريقيا الذي كاد تمحى
من ذاكرة أبنائه.
كان في اعتقاد ملوك واغادو وشعوبهم في قديم الزمان أن هناك
ثعبان قابع في بئر قديمة موجودة في الغابة المقدسة التي يخاف كل كبارشماشي المدينة
الدخول فيها وحسب تعليمات الكهنة ووصفهم
للثعبان أنه أسود حالك له سبعة رؤوس وذلك
الثعبان هو الذي يحمي الامبراطورية من الجدب والقحت بهطول الأمطار الغزيرة ويقهر العدو اللدود في الغزوات ويحفظ ملوكها الأماجد وشعوبها من الأرواح
الشريرة على ذلك الاعتقاد قرر شيوخ الدولة
من الكهنة العظماء أن يقدموا لإله الأكبر الثعبان في كل سبع سنوات قربانا بشريا امتنانا له على نعمائه وهو أجمل
فتاة في الدولة
حيث تقام مهرجانا هامة يستعد
أهالي واغادو كل الاستعداد لذلك اليوم مع نشاط منقطع النظير لاختيار أجمل فتاة عذراء وكانت كل
الفتيات الجميلات تتمنين أن تظفرن بالاختيار كي تكون أسرتها وقبيلتها مرفوعة الرأس
في الدولة وبعد أن يتم الاختيار الفتاة يعلن الكاهن الأكبر على مسامع الجمع الغفير يوم
الموعود يأتي الناس من كل أصقاع الدولة من
المدن والقرى للمشاركة هذا المهرجان الفريد فيظل الناس في الأفراح والمسرات تحت قرع الطبول
مع أناشيد تقليدية ذات ألحان تقشعر منها الجلود
في عام من العوام تم الاختيار على فتاة جميلة عذراء غراء فرعاء طاغية
الأنوثة أنفها مستقيم ولها جسم نحيل يبرز منه صدر نافر مستدير
كان تلك الفتاة الجميلة تسمى سيا
يتبري مخطوبة شاب شجاع مغوار سمع الكل عن شجاعته ومراوغاته في ساحة الحرب ممدو
دقوتي لكن كما يقال الحب نقطة الضعف الرجال
ومتى شعر قلب الرجل الباسل بالحب تسلل
الخوف الى سويداء ضميره هذا ما حصل لممدو
دقوتي لما تيقن أن فتاة أحلامه وقرة عينه ستساق يوم الزينة
إلى الغابة المقدسة قربانا للثعبان الأسود قض مضجعه ورق عينه ونسي كل القوانين والتقاليد ولم
لا ينسى وقد خيم الحب على قلبه فذابت العادات
من قلبه كما يذوب السكر في الماء
قبل يوم القربان استعد ذلك البطل الجسور فتقلد سيفا حادا بتارا يلمع متنه كلمعان البرق في السماء على حين غفلة من الناس وقد أسدل الليل أستارها ونقيق الضفادع تأتي من كل جهة دخل في الغابة المقدسة كالصياد الذي نال رتبة انيانغارا إلى أن وصل ركوة البئر فتنحنح تنحنح رجل لم يذق الخوف يوما فأخرج الثعبان رأسه المهيب تتطاير منه الشرر وعينيه مثل الجمرة حمرةً وينفخ من انفه الملساء شهيقا تصك الآذان لكن ظل ممدو رابط الجأش ، فقطع رأسه في طرفة عين في اللحظة تحول الثعبان جثة هامدة لا حراك له وفي اليوم التالي لقتل الثعبان اجتمع الملوك والأمراء والزعماء التقليديون يتقدمهم الكهنة والشماشيون يقصدون الغابة المقدسة بين قرع الطبول وعزف المزامير والأغاني الحلوة وسيا يتبري الجميلة أمامهم في غاية زينتها مثل أميرة كيلوباترا على حصان أبيض قالص يريدون تقديمها قربانا للثعبان الإله المزعوم ولما وصلوا إلى مقبع الثعبان فإذا هو جثة هامدة ، فاندهش الجميع واختلط الحابل بالنابل وتشابكوا من شدة الهول ، وكانت صرختهم جميعاً خسرنا يا ويلنا وبينما هم في الدهشة وتحت سطوة الخوف اختطف ممدو دقوتي خطيبته الجميلة على متن حصان سامي التليل لا صكك يشينه ولا فجا تظنه لشدة سرعته محجبا عن العيون اذا جرى وانطلق بها كبرق خاطف لم يستطيع أحد اقتصاص أثره وأنى لهم ذلك وقد ظفر بفلذة قلبه سيا يتبري ملكة الجمال وهيلانة إمبراطوريةغانا
الكاتب: بارو يايا | سفير مركز النهضة الشبابية الافريقية في ساحل العاج